افريقيا تاريخ مثقل بالحروب(١)
بقلم الأستاذة نهلة البدري
في بداية سلسلة المقالات الـــــــتي إخــــترت لها عنوان افريقيا تاريخ مثقـــــل بالحروب فـــضلت أن أبدأ بتعريف الحروب التي ستتناولها السلسلة وللدقة والتحديد ستنتناول الحروب الأهلية التي عقبت خروج المستعمر في أغلــــــب الـــدول الأفريقـــــية وسأحاول إستعراض تجربة كل دولة على حدى من خلال أسئلة مهمة وأساسية ماهـــــــي الأسباب ؟ ماهــــــي دينامــــيات الصراع؟ الدور الإقليمي في الصراع ؟ ، وبذلك يكون من الضروري أن تكون البداية الأساسية هي التعريف بمفهوم الحرب الأهلية أسبابها وآثارها .
لم يختلف كثيرا علماء السياسة في تعريف الحرب الأهلية من حيث تعريف أطراف النزاع حيث إتفق الجميع على أنها الحرب الداخلية في بلد ما ،وقد عرف معجم اللغة العربية المعاصرة الحرب الأهلية: بأنها صراع مسلح يقع بين أبناء الوطــــــن الواحـــد أما القامـــــوس السياسي فيعرفها بأنها: صراع مسلح ينشب داخل إقليم الدولة يتــــــميز بأن كــــلا الطـــــرفين المتنازعين يفرض سلطاته على جزء معين من إقليم الدولة ويمارس فيه السلـــــطات التي تمارسها الحكومات الشرعية كجباية الضرائب والتجنيد والتقاضي... إلخ
ذهب جيمس فيرون وهو باحث في مجال الحروب الأهلية بجامـــــــعة ستانفورد لتـــــعريفها بقوله (هي نزاع عنيف داخل بلد ما تخوضه مجموعات منظـــــــمة تهدف إلى الاستـــــيلاء على السلطــــــــة في المــــــــــــــــركز أو فـــــــي منطقة مـــــــا، أو لتغــــــيير سياســـــــات الحكـــــومة)
وقد أضافت آن هرونيكا لذلك أن تكون الدولة هي أحد جوانب الحرب الأهلية ، كـــــــما ذهب
مشروع روابط الحرب وهو مجموعة بيانات مستخدمة على نطاق واسع من قبل علــماء الصراعات أن الحروب الأهلية لتعريفها على أنها حرب تضم أكثر من 1000 ضحية متعلــــقة بالحرب كل عام من استمرار الصراع.
وأيضا يُشير مفهوم (الحرب الأهلية (بالإنجليزية: Civil war) إلى ذلك النزاع الذي ينشأ بين أكثر من طرف داخل حدود أراضي الدولة نفسها، حيث تختلف أشكال هذه الحرب تبعاً لدوافعها، فهناك من يسعى فيها إلى الحصول على الاستقلال والحكم الذاتي، ويصنّف هذا النوع من الحروب تحت خانة (الصراعات الثورية)، وهناك من يهدف فيها إلى فرض الحكم والسيطرة على الحكومة المــــــركزية لدولة معينة وتسمّى( الحروب الأهلية العرقية)، وأياً كانت أهدافها فإنّها غالباً ما تضمّ مجموعة من العناصر المختلفة، وهي تختلف تماماً عن تلك الحروب التي تنشأ بين دولة ودولة أخرى. كـــــما عرفها أحمد إبراهيم محمود تعريفاً إجرائياً وذلك في دراسته حول الحروب الأهلية في إفريقيا، باعتبارها شكلاً من أشكال الصراع الداخلي في المجتمع، تقوم به جماعة أو جماعات على أســـس إثنية او أيديولوجية من أجل تغيير بعض السياسات الحكومية أو الإطاحة بنظام الحكم أو الحصول على الحكم الذاتي لمنطقة معينة أو الانفصال عن الدولة. ويشتمل هذا الصراع على أعمال عــــنف مسلح منظم واسع النطاق من جانب جميع الأطراف المشاركة، ويتم تنفيذ عمليات العنف انطلاقاً من مناطق معينة تمثل قاعدة عسكرية محددة لها وبذلك تظل الدوافع هي العــــــــــامل
الرئيس في تعريف (الحرب الأهلية ) والتفريق بينها وبين أنماط و أنواع الحروب الأخرى ، وربما كان التعريف الأقرب للواقع السوداني هو للكاتب والباحث العراقي د . محمد عاكف جمال حيث عـــــــــــــرف الحرب الأهلية بأنها صراع مسلح بين مجاميع منظمة داخل البلد الواحد، أو بين دولتين كانتا في السابق دولة واحدة، وهو صراع قد يكون بدافع رغبة إحدى المجموعات في الانفصـــــــــال لتكوين دولتها الخاصة بها، أو لتغيير سياسة بلادها أو الاستئثار بالحكم، وغالبا ما يكون أحد أطراف الصراع جيشا نظاميا. وبذلك كخاتمة لهذا الجزء من المقال وبناء على التعـــــريفات التي تم ســـــردها يجــــب
أن نجيب على السؤال الأهم هل السودان في طريقه للحرب الأهلية أم أنه يخوضها بالفعل ؟ الحروب الأهلية في أفريقيا الأسباب والدوافع : للحديث عن الحـــــــــــروب الاهلـــــــية في افريقيا يجب البدء
بمراجعة تاريخية قصيرة للحروب ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث مرت أفريقيا بثلاث موجات من الحروب تغــــــــــيرت فيها أنماطها . المــــــــوجة الأولى بعد الحرب العالمـــــــية الثانية إستمـــــرت حتى
السبعينيات من القرن العشرين وكانت أغلبها حروب تحرر من المستعمر و نتائجها إستقلال الدول الأفريقية .المـــــــوجة الثانية والتي بدأت مـــــــــا بعد خــــــــــروج المستعمر بظهور صراعات بين الدول المتجاورة في اغلب الأحيان كانت بسبب الحدود التي وضعها المستعمر كما ظهر نمط صراع جديد داخل الدول كنواة لحروب أهلية الموجة الثالثة التي بــــــدأت مع نهاية الحـــــرب الباردة والتي غلب
عليها نمط الحروب الأهلية التي تزايدت بصورة كبيرة في التسعينات حيث خاضت 14 دولة من أصل 53 دولة أفريقية حروبا أهلية تفــــــاوتت شدتها ما بين حروب المـــــدن والتــــــطهير العرقي والإبادة الجماعي
هل ستنتهي الحرب بانتصار احد الطرفين؟
بقلم : الطريفي يوسف الطريفي | ٢٠ يوليو ٢٠٢٣
مع نهاية العام ٢٠١٠ إنطلقت في المنطقة ثورات الربيع العربي وبدأت الأوضاع الإقتصادية في التدهور بعد إنفصال الجنوب وإستشراء ظاهرة الفساد وأكل الأموال ثم أعقب ذلك حراك داخل التيار الإسلامي نفسه مطالباً بالإصلاح وصدر ما عرف حينها بمذكرة الألف أخ ثم مظاهرات سبتمبر وبدأ الخلاف يدب بين البشير والتنظيم وشعر البشير حينها أنه بحاجة إلى قوة عسكرية تدين له بالولاء الشخصي في معركته القادمة التي بدأت نذرها .. لم يجد البشير خياراً أفضل من الدعم السريع لهذه المعركة فشرع في تقويته تمويلاً وتسليحاً وقد تولى هذه المهمة الفريق طه عثمان وكلنا يعرف عثمان طه وماادراك ماطه.. والأغرب من ذلك أن كثير من القيادات كانت تخدم في ذات الإتجاه ولا أدري هل هو جهل بطبيعة الصراع أم أنه إصطفاف وتحيز إلى فئة ..!؟ ام هو تنيفذآ لتوجيهات القيادة التي كانت في كثير من الأحيان خاطئة أثار قرار تشكيل قوات الدعم السريع حفيظة جنرالات القوات المسلحة ورفضوا تبعيتها للجيش وكان على رئاسة الأركان حينها الفريق أول مصطفى عبيدفهو من الشرفاء داخل المؤسسة العسكرية في تلك الفترة ؛فكانت النتيجة إحالته للتقاعد وتم تنفيذالمخطط من بعده بتبعية هذه القوات لجهاز الأمن الوطني في تلك الفترة..
إستطاعت قوات الدعم السريع أن تحقق عدد من الإنتصارات في دارفور للدرجة التي يمكن أن نصفها بكسر الشوكة وأصبح الحركات في مناطق محدودة وغادر بعضها البلاد إلى دول أخرى .. رفعت هذه الإنتصارات من رصيد الدعم السريع وكان البشير يتباهى بها ويصفها بأفضل قراراته ويتحدى رؤساء الدول بأنهم لا يملكون رجال كرجاله .. الأمر الذي فتح الباب لقوات الدعم السريع فتم منحها عدد من مربعات التعدين على رأسها جبل عامر وغيرها من الإستثناءات والإعفاءات لتدخل عالم التجارة والإستثمار .. ثم تم تكليفها بمهام مكافحة الهجرة غير الشرعية والتي كانت بمثابة إكسابها شرعية دولية لها فضلاً عن العائد المادي من هذه العمليات ..و في المنتصف من مارس للعام ٢٠١٥ أعلنت السعودية ( تحالف دعم الشرعية ) في اليمن تحت مسمى( عاصفة الحزم ) وكان السودان ضمن المشاركين في هذه العمليات بقوة تقدر بثلاثين ألف مقاتل معظمهم من قوات الدعم السريع وأصبحت هذه المشاركة من أكبر مصادر الدخل لها بجانب المصادر الأخرى التي ذكرناها سابقاً ولا يفوتنا أن نذكر المنسق بين الجيش والدعم السريع في هذه العمليات هو الفريق عبد الفتاح البرهان وهو أيضاً صاحب دور بارز في التنسيق مع الدعم السريع في حرب دارفور .. وفي العام 2018م إنحازت قوات الدعم السريع إلى مطالب الثوار والتي كانت تطالب باسقاط النظام البشير؛ فكانت لهذه القوات الكفة التي رجحت الميزان هذه تعتبر حسنة وشهادة حق في حقها ‘ وعلى الرغم من انها كانت شريكة في موقعة فض الاعتصام بالقيادة العامة إلا انها لم تكن لوحدها في تلك العملية. وتستمر الاحداث والايام سجالآ إلى ان تم التوقيع على الوثيقة الدستورية في العام 2019م ومن ثم التوقيع على إتفاق سلام جوبا في اكتوبر من العام 2020م. ومرورآبالإجراءات التي اتخزها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في25 اكتوبر من العام 2022م.؛فكانت لهذه القوات راي ولكنها لم تفصح به في تلك الفترة . وما ان تداءت القوى السياسية للإتفاق الإطاري ؛حينها دب الخلاف مابين المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع بسبب خلاف الورشة الأمنية المكملة للإتفاق الاطاري والتي كانت تتحدث عن كيفية دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة. وفي 15ابريل من هذا العام تطورت هذه الخلافات وتظهر على العلن في صباح رمضاني مشؤم دارت معارك مابين الجيش وقوات الدعم السريع ‘لأول مرة منذ تأسيس هذه القوات تصوب بندقيتها نحو مؤسسها ليعلن قائد الجيش بأن قوات الدعم السريع قوات متمردة. لتشتعل المعارك ولأول مرة في تاريخ البلاد تدار المعارك من داخل الخرطوم بعكس المعارك السابقة ؛حيث كانت المعارك السابقة مسرحها الاقاليم. وفي اول يوم من ايام التمرد اعلن قائد الجيش انه سوف يقضي على هذا التمرد في قضون ساعات ‘و حتى تاريخ هذه اللحظات المعارك مازالت مستمرة مما يزيد عبئ على المواطن الذي ضاق به الارض من جراء هذه المعارك مع اغلاق كافة المؤسسات الخدمية مع ظاهرة سطو ونهب للمواطنين من قوات الدعم السريع وهجرة إلى خارج حدودالوطن ونزوح باعداد كبيرة ‘ودمار وإتلاف للبنية التحتية.
كل هذه سيترتب عليه نتائج سالبة في حياة المواطن المسكين الذي لايستطيع تحمل عبئ هذه الصراعات اكثر من ذلك.